14.0$
(...) تذكّرت «أبو سليمان» الرسّام والفنّان والإنسان الجبّار، الذي أبى أن يستسلم للظروف وتمسّك بأمل مفقود بين أرخبيل الخيام ... لسنوات. تذكّرت هذه الطفلة التي لم يسمّها أهلها بعد، لأن عمرها لا يتجاوز الأيام، هي التي ولدت في هذه الخيمة وتنام في مهدٍ من صنع والدها.. مهدٌ خشبي وفراش من بعض الأقمشة، معلّق بحبالٍ مربوطة بما تيسّر تثبيته في سقف خيمة هزيل، كلّما هزّه الهواء تأرجح المهد ومعه جسد طفلة طاهر ورقيق. جسدٌ يتغلغل البرد القارس فيه ورئتان تستنشقان الغازات المنبعثة مما تمّ حرقه داخل الخيمة ورميه في الموقدة لإدفاء أطفال ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في زمان ومكان خاطئين. تذكّرت يوسف، الذي لا يتعدّى عمره الثلاث سنوات ولا يعرف من البيت إلّا خيمة ولا يعرف عن الجدران إلّا ورقًا وعن الباب إلّا قطعة قماش... (...) والد «عمر»، كان يحترق بداخله رغم شدّة البرد، وذلك لعدم إمكانيته إدفاء جسد هذا الطفل الذي يدعوه «ضناه». حريقُ داخله الذي ألهب عينَيه، كان أكثر شدّة وقساوة من البرد الذي يغتصب جسد الطفل «عمر» وعظامه الرقيقة.
الناشر | سائر المشرق |
الحجم | 16*23 |
الوزن | 253 |
عدد الصفحات | 128 |
نوع الغلاف | soft cover |
تاريخ النشر | 25-03-2018 |
النسخة | 16*23 |
ISBN | 9786144511169 |
بديع يونس
مواليد بيروت سنة 1958. حائز على ماجستير في العلوم السياسية. صحافي قناة العربية وناشط إنساني واجتماعي. له مقالات سياسية واجتماعية وفي شؤون الإرهاب...
المزيد