10.0$
يبقى أن أكثر ما يثير استياء السيد البطريرك أن يتعامل اللبنانيون وفي طليعتهم الموارنة، بخفة مع لبنان، وكأنه معطى ثابت وتحصيل حاصل غير مهدّد بالزوال مهما لعبوا أو غامروا أو عاثوا فيه فسادًا. يزعجه أنهم يتناسون أنه ثمرة نضال طويل استغرق قرونًا عدّة، واختلط فيه مرارًا العرق بالدم. يؤلمه أن موارنة اليوم لا يعرفون أن آباءهم اشتهوا أن ترى عيونهم ما يرونه. يعرف البطريرك السادس والسبعون، مار نصرالله بطرس صفير، أن أربعةً فقط من أسلافه عرفوا لبنان، وهم البطاركة خريش والمعوشي وعريضة والحويك، فيما واحد وسبعون بطريركًا رأوا لبنان بعين الإيمان وحيّوه من بعيد، تمامًا كما رأى موسى أرض الموعد من على جبل «نِبو» من غير أن يتمكّن من دخولها. حَلِمَ البطاركة الموارنة دومًا بوطنٍ يعيشون فيه أحرارًا، متساوين في الواجبات والحقوق مع غيرهم من الأقليات الموجودة في هذه البقعة من العالم. لقد تحقّق هذا الوطن في مطلع القرن الماضي، ولكن ما أن مضى جيلان على تأسيسه حتى بات بدائرة الخطر. البطريرك صفير المولود قبل إعلان دولة لبنان الكبير والذي عايش كلّ المحطّات التي عرفها الوطن الشاب، هو من آخر الخيوط الوثيقة التي تربط الموارنة بتاريخهم. إنه آخر بطريرك ماروني ملتحٍ وآخر أسقف لم يخلع الجبّة الكهنوتية منذ أن ارتداها يوم دخوله الإكليريكية قبل نحو سبعين عامًا. وقد أراد ان يتمثّل ببساطة البطاركة القدماء في كلّ شيء، في أثاث جناحه الخاص في بكركي أو في الديمان، وفي فتحه أبواب الصرح البطريركي أمام الجميع دون استثناء، وفي الدفاع عن الحرّية والكرامة في وجه كلّ ظالم.
| الناشر | سائر المشرق |
| الحجم | 19*25 |
| الوزن | 681 |
| عدد الصفحات | 384 |
| نوع الغلاف | soft cover |
| تاريخ النشر | 11-04-2011 |
| النسخة | 19*25 |
| ISBN | 9789953569079 |
أنطوان سعد
كاتب وصحافي ومدير عام دار سائر المشرق، ومقدّم برنامج سياسي على شاشة أم تي في، ورئيس تحرير موقع مون ليبان الإلكتروني، أنجز دراسات جامعية في الصحافة والفلسفة واللاهوت والتاريخ (ماستر). صدر له: "السادس ...
المزيد