الشجرة القزمة

رواية

الشجرة القزمة

14.0$

تركت رامونا مقاعد الدراسة في الحادية عشرة من عمرها بسبب إصابتها بتقلصٍ عضلي. وسَلَك وضعُها الصحي منحدرًا مزروعًا بالأوجاع والمعاناة إلى أن أصبحت منذ عام 1997 تتنفّس من ثقبٍ في حنجرتها بواسطة الأوكسيجين، ومنذ عام 2005 تلازم الفراش. راودها طويلاً سؤال ينخر العظم والوجدان: لماذا أنا؟ بحثَتْ عن قصد الله بها. وفي معرض بحثها هذا، وجدت أنها كالشجرة القزمة أو المقزّمة، إذ قرّر «البستاني» حصرها في وعاءٍ وضبط نمو أغصانها وتمدّد جذورها، ليصنع منها شكلًا فريد الجمال، يخالف مفاهيم الجمال المعهودة. وجدت أن لكلّ عنصرٍ في الكون موقعه وأنّ غاية وجوده أن يدل على مبدعه. آمنَتْ أن «البستاني» قزّم جسدها ليكثِّف حضورها ويجَوْهر كيانها. صمَّمَتْ أن تفكّك كَفَن الخوف والألم فأقبلت على الحياة بما لديها من قدرة محدودة في الجسد وإرادة لامحدودة في النفس، بِنَهَم القراءة والتعلّم، بقوة الإيمان وطاقة الرجاء، وبدعم عائلة محبّة، مؤمنة، حاضنة وأصدقاء حقيقيين. »سمعتُ نداء الحياة كما سمع لعازر صوت المسيح يناديه أن يقوم من موته ويخرج من قبره ليعود إلى الحياة.« صمَّمَتْ أن تكون منتجة وأن تكسب ما يخفّف من عبئها على الآخرين. فانكبّت على فنّ الرسم بوسائل مختلفة وأبدعت بالرغم من وَهَن أصابعها. عرضت أعمالها الفنّية في معارض وأقبل على شرائها معجبون كثر بفنّها. قدّمت برنامجًا إذاعيًا بعنوان «المختارون» في إذاعة صوت لبنان، عن تجربة ذوي الإعاقة. وكتبت في مجلّة «الرعية» التي كان يرأس تحريرها المونسينيور يوحنا كوكباني، وكان القرّاء يتأكّدون من وجود مقالٍ لها في العدد قبل أن يقتنوه. »ما اعتبرته نقصًا أضحى كمالًا وما اعتبرته فقرًا أضحى غنىً، وبات القزم كبرًا، والضيق وسعًا، والثقيل خفيفًا.« اكتشَفت في تفاصيل حياتها عمق عناية الله بها. فكتبت عنها لاعتقادها بأن الآخرين قد يجدون ما يحاكي تجربتها من أوجه ضعف في حياتهم فيسمحون لله بأن يستخدمها للخير. شهادة صادقة ومؤثّرة، مثخنة بجراح الألم والأسئلة ومحلّقة بانطلاقة الروح والفكر، وحتى مطعّمة أحيانًا بالظرف والفكاهة. أسلوبها مباشر واضح شفّاف. كلماتها تشهد لقوّة الإرادة التي تغلب السقوط والرجاء الذي يغلب الموت والمحبة التي تثمر عطايا كثيرة. »أرجو أن يكون وقع كتاباتي كحبّات قمح مباركة تنبت في أرضٍ صالحة لخير الجميع.«